الجينات وثورة الجينوم

د/ محمد حبوس

د/ محمد حبوس

استشارى المسالك البولية وأمراض الذكورة

الجينات وثورة الجينوم

الجينات وثورة الجينوم

الجينات ( الامشاج ) والجينوم البشري ثوره علميه هذا ما سنتعرف عليه فى مقال الجينات وثورة الجينوم

كثر الحديث الأيام الماضية عن الجينات وخاصة بعد ان اعلن الرئيس الامريكى ورؤساء عدة دول أخرى منذ عدة سنوات

(للاسف لم يكن منهم دوله عربيه  ) عن التوصل لحل الشفرة الوراثية البشرية كامله او ما يعرف بخريطة الجينات أو الجينوم البشرى .

لكى نفهم ما هو الجين وما المقصود بالشفرة الوراثية يجب أن نأخذ فكرة مبسطة اولا عن عمل الخلية وليكن نموذجنا المبسط وفى عجالة كائن حي ذو خلية واحدة وهو ميكروب اى كولاى  وهذا الميكروب ذو الخلية الواحدة يبلغ واحد على 100 من حجم الخلية البشرية .

تستطيع أن تتخيل هذه الخلية مثل كيس من البلاستيك به  ماء تطفو فيه بعض الرواسب من البروتينات وانزيمات اخرى علاوة على شريط حلزوني ملتف من حمض الحياه دى ان ايه

كما فى شكل الخلية الموضح يتكون شريط دى ان ايه فى خلية اى كولاى من أربعة ملايين زوج قاعدي وهذه القواعد مرصوصة فى حوالى 1000 جين.

الجين هو ببساطة نموذج بروتينى وعادة ما يكون هذا النموذج إنزيم يستخدم فى تفاعل كيميائى الإنزيم هو بروتين يسرع عملية تفاعل كيميائي معين .

الجينات وثورة الجينوم

مثلا واحد من الألف إنزيم (جين) فى جزىء دى ان ايه  للايه كولاى يقوم بتكسير جزيء المالتوز الى جزيئين من الجلوكوز وعلى قدر بساطة هذا التفاعل إلا أنه حيوى للكائن الذي لا يستطيع ان يستفيد من المالتوز الا بعد ان يتحول الى جلوكوز بفضل هذا الإنزيم وبعد ذلك تستطيع خلية الاى كولاى تحويل الجلوكوز إلى طاقة بواسطة انزيمات اخرى , ها قد بدأتم تفهموا ما هو الجين وعندما يكون هناك خلل فى جين معين او غياب هذا الجين هنا يحدث الخلل (المرض )

فالمرض غالبا ناتج عن خلل جينى وهى التى يطلق عليها الأمراض الوراثية مثل غياب انزيم معين ضروري لتحويل البقول الى مواد يستفيد منها الجسم تحدث مشكلة تؤدى لحدوث حساسية ونزف ومشاكل قد تهدد حياة الشخص المصاب.

 لكى تصنع الخليه انزيم تحتاجه لتفاعل معين فإنها تقوم بعمل نسخة من الجين الذي يحمل النموذج المطلوب على شريط دى ان ايه.

( أي أن الجين صفة أو نموذج يؤدي لتفاعل لأداء وظيفة ويجب ان يكون موجود مسبقا اى موروث اى ان هذه الصفه التى تظهر هذا التفاعل موجود مسبقا والا لن يتم التفاعل وبالتالى لن تظهر الصفة )

لطبع هذا الإنزيم ومن الممكن عمل آلاف النسخ من إنزيم معين وعدة نسخ من آخر ولكن مجموع الألف جين فى الاى كولاى يحوى الأنواع المختلفة التى تحتاجها الخلية لعمل الوظائف التى تمكنها من الحياة أي أن تأكل وتشرب وتتكاثر ….

اذن فى اى كائن حى واى خلية حية فان شريط دى ان ايه الذي يحوي المادة الوراثية التى تصنع الإنزيمات التى تقوم بالتفاعلات الكيميائية اللازمة لحياة الخلية فهو بحق مادة الحياه . اعتقد ان الامور اصبحت اوضح !أليس كذلك ؟ …

التكاثر الجنسى تتكاثر البكتيريا لاجنسيا

هذا يعني انه عندما تنقسم الخلية البكتيرية فإن النصفين يكونا متطابقين أي انهما يحويان نفس النسخه من شريط دى ان ايه (تناسخ ) كما أنه لا يوجد نوعين من الخلايا مكملان لبعضهما اى ذكر وانثى واعتقد ان البعض منكم ممن يتسائلون عن التناسخ أو الاستنساخ قد عرفوا الآن ان التناسخ هو تكاثر لاجنسي اى انتاج نسخة من الخلية المنسوخ منها يعنى عندما تم استنساخ النعجة دوللى تم اخذ خليه غير جنسيه من خلاياها.

(اى لم يتم أخذ البويضة)

ونسخها اى جعلها تنقسم وهو تكاثر لاجنسي فلا يوجد هنا آب وكذلك الابن الناتج نسخه طبق الاصل من الام .

أما الكائنات الأعلى والارقى فانها تتكاثر جنسيا مثل الحشرات والنباتات والحيوانات والإنسان بالطبع  .

أن التكاثر الجنسى (بعكس التكاثر اللاجنسى الذى ينتج نسخة طبق الأصل من الأب ) ينتج تنوع هائل فى الصفات الوراثية فى الأنواع فمثلا عندما يكون هناك زوجان لديهم اطفال كثيرون فجميع هؤلاء الاطفال مختلفون عن بعضهم البعض وعن ابويهم فى اشياء كثيره فى لون العينين مثلا والبشره والشعر وفصيلة الدم فكيف حدث ذلك ؟!

بدلا من شريط طويل كما فى حالة الاى كولاى فإن الحشرات والحيوان والنبات والإنسان لديهم كروموزومات تحمل شرائط الدى ان ايه فى ترتيب قاعدى متولى  .

الانسان لديه23 زوج اى 46 كروموزوم ,ذبابة الفاكهة لديها 5 أزواج والكلاب لديها 39 زوج وبعض النباتات لديها 100 زوج الكروموزومات مصفوفة فى أزواج , كل كروموزوم عبارة عن  صف مدكوك من شريط دى ان ايه  .

هناك شريطين من دى ان ايه يلتقيان معا في عقده تسمى سنترمير لتكوين شكل X ذراع من الام وذراع من الأب 

لانه يوجد ذراعان من ( شريطين ) من دى ان ايه فمعنى ذلك أن الحيوانات ( ومنها الإنسان ) لديه نسختين من كل جين خلافا البكتيريا مثل إي كولاي التي لديها نسخة واحدة عندما يصنع الذكر حيوان منوي والأنثى بويضة فان شريطى دى ان ايه يجب ان يجتمعا فى شريط واحد .

أى أن كل حيوان منوي من الأب وبويضة من الام يساهم فى تكوين نسخة من كل كروموزوم  ويتقابلا لاعطاء الطفل الجديد نسختين  من كل جين  ! فاهمين حاجه ؟!

لتكوين شريط واحد فى الحيوان المنوى والبويضه  عند بداية تكوينها يجب اختصار عدد الكروموزومات للنصف يعني ليصبح 23 وذلك ببساطة حتى يصبح العدد عند الإخصاب 46 ( 23 من الحيوان المنوي ومثلهم من البويضة )

وحيث ان الخلية العادية في الإنسان بها 46 كروموزوم فإنه لتصنيع حيوان منوى او بويضه يجب اختصار العدد ليصبح 23 فى انقسام ميوزى معنى ذلك أنه سيتم اختيار نصف عدد الكروموزومات ليتم تحميلها على الخلية الجديدة (حيوان منوي او بويضه )

وهنا يتم اختيار جينات دون غيرها بصفه عشوائيه من أزواج الجينات في كل كروموزوم

( يعنى ببساطه لو عندك 46 شخص من جميع صنوف الناس واقفين مع بعض فى اى وضع بناخد نصفهم من اى اتجاه المهم نصفهم )

وتنتقل هذه الصفات المختارة الى الطفل الجديد علما بأن كل حيوان منوي

(وكل بويضه )

يحمل جينات مختلفة عن غيره فهناك جينات متشابهة ولكن حتما هناك جينات مختلفة ولذلك  تجد أن الإخوة الأشقاء هناك بعض الشبه ولكن حتما هناك اختلافات كثيرة فكل طفل يحمل خليطا من الجينات مختلفا عن أخيه رغم انهم من نفس الاب ونفس الام الا انهما ليسا من نفس الحيوان المنوى او البويضه الجين كما ذكرنا سابقا  ليس الا نموذج تخليق إنزيم الذي هو ضروري لإنجاز تفاعل كيميائى .

هذا يعنى ان اى حيوان او نبات  هناك نموذجين من كل  انزيم فى أحيان يتشابهان واحيانا يختلفان ولكن إن اختلفا فإن احدهما يسود على الآخر فمثلا بالنسبة لنبات البازلاء طول الحبه صفه سائده وقصر الحبه صفه متنحيه يعنى لو لو اجتمعت صفة الطول(جين ) وصفة القصر.

الجينات وثورة الجينوم

(النسخة الأخرى من الجين )

تسود صفة الطول يعنى تكون الحبه الناتجه طويلة ولا تكون الحبه الناتجة قصيره إلا فى حالة تصادف وجود الصفتين المتنحيتين (القصر ) معا ويمكن أن يحدث ذلك فى الجيل الذى يليه أو لأجيال اخرى بعيده حسب الاختيار العشوائي لصف الجينات مع بعضها عند الانقسام الميوزى لاختصار العدد الكروموزومى للنصف

فهم الخريطة الجينية للنوع

مجموع التنوع في الصفات جميعها في جنس معين هو الخريطة الجينية لهذا النوع كما أعلن عن فك رموز الشفرة الوراثية كاملة (الخريطة الجينية) للإنسان والتي سنتكلم عنها فيما بعد.

لدينا نموذج هنا لفهم الخريطة الوراثية وهو لذبابة الفاكهة فهناك بعض الحقائق عن هذه الذبابة وهي أن شريط دى ان ايه فيها يتكون من 5 كروموزومات وهناك حوالى 250 مليون زوج قاعدي فى الشريط الوراثى مرتبة بحيث تكون بالضبط 13601 جين (اى صفه) اى ان مجموع خريطة الجينات فى هذه الذبابة (جميع الصفات الممكنة )هو 13601.

يظهر كل جين في مكان معين على كروموزوم معين وهناك نسختين من كل جين كما عرفنا سابقا .

تزداد الخريطة الجينية للنوع عند حدوث طفرة ونجاح هذه الطفرة يجعلها تورث فى الأبناء كجين جديد !!

وذلك ومؤثرات بيئيه وتزاوج تباعدي وغير ذلك اما اذا واجه نوع خطر الانقراض فإن الخريطة الجينية تقل كثيرا بقلة عدد الأفراد الباقين مما يؤدى الى قلة التنوع وظهور الأمراض الوراثية التى كانت غير واضحة أو نسبتها فى الظهور قليلة بسبب مثلا ان جين متنحى أما وقد قل عدد الجينات فان فرصة التقاء جينين متنحيين اصبحت عاليه ومن هنا جاء النصح بالبعد عن زواج الأقارب تجنب تكديس الخريطة الجينية فى اتجاه سالب فى حين أن اتساع الخريطة الجينية يؤدى للعكس  زيادة فى التنوع وقلة في الأمراض الوراثية

خريطة الجينوم البشرى تفك رموز كتاب الحياة 

 

خريطة الجينوم البشرى تفك رموز كتاب الحياة 

تم الإعلان عن فك رموز  العوامل الوراثية لكتاب الحياة واكتمال الخريطة النهائية للجينوم البشري بولاية ميرلاند بأمريكا وبحضور 6 دول هى ألمانيا وبريطانيا والصين وفرنسا واليابان بالإضافة لأمريكا تضم الخريطة الوراثية البشرية 3 مليارات حرف من الرموز الوراثية والتى تتحكم وتمثل كل وظائف وحياة الإنسان مما ادى الى ان يصبح الطريق ممهدا العلاجات الجينية والتي هى عنوان هذا القرن!وبدأ بالفعل أبحاث كثيرة وظهرت نتائج مبشرة عن الاستفادة من هذه الخريطة فى إحداث ثورة فى علاج السرطان والسكري والأمراض العصبية والعقم وبعض أمراض الأطفال خاصة بعد الإعلان عن وضع هذه المعلومات والرموز الوراثية ببنك المعلومات مما يسهل على العلماء فى جميع أنحاء العالم الوصول الى هذه الرموز دون قيود مما يعود بالنفع على الصحة البشرية وهو ما كان حلما صعب المنال منذ سنوات قليلة فقد بدأت اولى هذه الخطوات بالتوصل لقراءة المحتوى الوراثي للخلية البشرية والذى يحتوى على 23 زوج من الكروموزومات يضمها شريط من حمض دي إن ايه طوله حوالى 2 متر ويتكون من 3 مليارات من القواعد النووية المتتابعة

(الرموز الوراثية) ومن هنا يمكن فهم عمل الخلايا البشرية ووظائفها الحيوية المعقدة بشكل أكثر دقة وكذلك فهم أسباب حدوث الأمراض والأورام وغيرها وكذلك الوقوف على أسباب الطفرات التي تؤدي للأمراض الوراثية وعلاجها كما يظل الامل بالنسبه للعلاج بالجينات فى حالات العقم وامراض الاطفال لاعادة توظيف الجين أو تنقيته!

أو حتى احلاله بآخر سليم او معدل حتى يمكن منع حدوث المرض الوراثي أو السيطرة عليه وكذلك السيطرة على بعض الجينات التي تم الكشف عن أنها المتسببة فى بعض الاورام السرطانية وكذلك مرض السكر بل إن الأمر وصل ببعض شركات الأدوية العملاقة انها انتجت شريحة صغيرة يمكن عن طريقه تحديد واختيار الدواء المناسب لشخص بذاته !!

كما تسابقت شركات الأدوية على إنتاج دواء لسرطان الدم مبنى على اسس جينية دقيقة مما احدث ثورة فى هذا المجال وما ذاك الابدايه

د/ محمد حبوس

د/ محمد حبوس

استشارى المسالك البولية وأمراض الذكورة

Scroll to Top